الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> قال الراغب: والعيد ما يعاد مرة بعد أخرى وخصه الشرع بيومي الأضحى والفطر ولما كان ذلك اليوم مجعولاً في الشرع للسرور واستعمل العيد في كل يوم مسرة أيا مّا كان. - (هب عن أبي هريرة) ورواه الحاكم من حديث أبي بشر من حديث أبي هريرة ثم قال لم أقف على اسم أبي بشر اهـ قال الذهبي وهو مجهول ورواه البزار بنحوه قال الهيثمي وسنده حسن. 2520 - (إن يوم الثلاثاء يوم الدم) أي يوم غلبته على الدم وهيجانه فيه أو يوم كان الدم فيه يعني قتل ابن آدم أخاه فيه (وفيه ساعة) أي لحظة وإرادة الساعة النجومية بعيد (لا يرقأ) بهمز آخره لا ينقطع الدم فيها لو احتجم أو افتصد فيه وربما هلك به المرء قال ابن جرير قال زهير مات عندنا ثلاثة ممن احتجم، وأخفيت هذه الساعة لتترك الحجامة فيه كله خوفاً من مصادفتها كما في نظائره. <تنبيه> روى أبو يعلى من حديث الحسين بن علي مرفوعاً في الجمعة ساعة لا يوافقها رجل يحتجم فيها إلا مات وقوله في الجمعة يحتمل أن المراد به يوم الجمعة فيكون كيوم الثلاثاء في ذلك ويحتمل أن المراد الجمعة كلها وأن الحديث المشروح عين تلك الساعة في يوم الثلاثاء والأول أقرب ولم أر من تعرض له. - (د) في الطب (عن أبي بكرة) بفتح الموحدة قال الذهبي في المهذب إسناده لين وقال الصدر المناوي فيه بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال ابن معين ليس بشيء وابن عدي من جملة الضعفاء الذي يكتب حديثهم اهـ لكن يقويه رواية ابن جرير له في التهذيب من طرق وأما زعم ابن الجوزي وضعه فلم يوافقوه. 2521 - (إنا) أي العرب وزعم أنه أراد نفسه ينافره السياق ويأباه قوله (أمة) جماعة عرب (أمية) أي باقون على ما ولدتنا عليه أمهاتنا من عدم القراءة والكتابة ثم بين ذلك بقوله (لا نكتب) أي لا يكتب فينا إلا الفرد النادر قال اللّه تعالى {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} (ولا نحسب) بضم السين أي لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فالعمل بقول المنجمين ليس من هدينا بل إنما ربطت عبادتنا بأمر واضح وهو رؤية الهلال فإنا نراه مرّة لتسع وعشرين وأخرى لثلاثين وفي الإناطة بذلك دفع للحرج عن العرب في معاناة ما لا يعرفه منهم إلا القليل ثم استمر الحكم بعدهم وإن كثر من يعرف ذلك-[وتتمة الحديث عند البخاري ومسلم: "الشهر هكذا وهكذا" يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين- - (ق د ن) كلهم في الصوم (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي اللّه عنه وقضية صنيع المصنف أن كلاً من الكل لم يرو إلا ما ذكره والأمر بخلافه بل تتمته عند الشيخين الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. ورغم زيادة عدد من يستطيع حساب مواقيت الشمس والقمر في عصرنا، فلا يزال هذا العدد ضئيلا، لا توصف الأمة بسببه بالقدرة على ذلك الحساب، وتبقى نسبته أقل بمراحل من نسبة الذين كانوا يحسنون القراءة أيام النبي صلى الله عليه وسلم، عندما ذكر هذا الحديث، فليتق الله الذين يحاولون تأويله على ما لا يرضي الله. ومن شك في قلة من يحسن الحساب في أيامنا، فليأت بعشرة، بل خمسة، بل ثلاثة، من معارفه الذين يحسنونه، باستثناء من يستطيع قراءة جداول البحرية الأميركية أو البريطانية، ممن يدعون معرفة ذلك الحساب ويبهرون بعض البسطاء بذلك. وكيف تعد قراءة الجداول قدرة على الحساب!؟ ومن حكمة هذا الحديث أيضا أنه لو كان الحكم على الهلال بالحساب، لعاد أمر تحديد الشهور إلى أفراد معدودين لا يتمكن غيرهم من مراجعة كلامهم أو النظر فيه، وما هذا إلا الكهنوت الذي عصم الله ديننا عنه. وفي الحديث رقم 5064: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين" متفق عليه. دار الحديث] [ص 550] 2522 - (إنا لن) وفي رواية البخاري لا وفي أخرى لمسلم إنا واللّه (نستعمل على عملنا) أي الإمارة والحكم بين الناس (من أراده) وفي رواية من يطلبه وذلك لأن إرادته إياه والحرص عليه مع العلم بكثرة آفاته وصعوبة التخلص منها آية أنه يطلبه لنفسه ولأغراضه ومن كان هكذا أوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك إذ الولاية تفيد قوة بعد ضعف وقدرة بعد عجز وقال من أريد بأمر أعين عليه ومن أراد أمراً وكل إليه ليرى عجزه، وهذه النون كما قال الزمخشري: يقال لها نون الواحد المطاع وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مطاعاً يكلم أهل طاعته على صفته وحاله التي كان عليها وليس التكبر من لوازم ذلك، ألا ترى إلى قول سليمان عليه السلام {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} وقد يتعلق بتحمل الإمام وتقحمه وإظهار سياسته وعزته مصالح فيعود تكلف ذلك واجباً. - (حم ق د ن) من حديث يريد عن عبد اللّه (عن) جده (أبي موسى) الأشعري قال: أقبلت ومعي رجلان ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستاك فكلاهما سأل فقال يا أبا موسى أما شعرت أنهما يطلبان العمل فذكره وفي رواية للشيخين أيضاً عنه دخلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما يا رسول اللّه أمّرنا على بعض ما ولاك اللّه وقال الآخر مثل ذلك فقال: إنا واللّه لا نولي هذا العمل أحداً سأله أو أحداً حرص عليه. 2523 - (إنا لا نقبل) لا نجيب بالقبول (شيئاً) يهدى إلينا (من المشركين) يعني الكافرين فإن فلت قد صح من عدة طرق قبول الهدية الكافر كالمقوقس والأكيدر وذي يزن وغيرهم من الملوك قلت لك في دفع التدافع مسلكان: الأول أن مراده هنا أنه لا يقبل شيئاً منهم على جهة كونه هدية بل لكونه مال حربي فيأخذه على وجه الاستباحة الثاني أن يحمل القبول على ما إذا رجى إسلام المهدي وكان القبول يؤلفه أو كان فيه مصلحة للإسلام وخلافه وأما الجواب بأن حديث الرد ناسخ لحديث القبول فهلهل لعدم العلم بالتاريخ. - (حم ك) من حديث عراك بن مالك (عن حكيم بن حزام) قال عراك كان محمد صلى اللّه عليه وسلم أحب الناس إلي في الجاهلية والإسلام فلما تنبأ وخرج إلى المدينة شهد حكيم بن حزام الموسم وهو كافر فوجد حلة لذي يزن تباع فاشتراها بخمسين ديناراً ليهديها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقدم بها على المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى وقال إنا لا نقبل شيئاً من المشركين ولكن إن شئت أخذناها بالثمن فأخذها به قال الهيثمي رجاله ثقات. 2524 - (إنا لا نستعين) في رواية إنّا لن نستعين أي في أسباب الجهاد من نحو قتل واستيلاء ومن عمم فقال أو استخدام فقد أبعد (بمشرك) أي لا نطلب منه العون في شيء من ذلك وفي امتناع استعانة المسلمين بالكفار خلاف في الفروع شهير-قال الشافعي وآخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعان به استعين وإلا فلا، وجاء في حديث آخر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه- - (حم د ه عن عائشة) وسببه كما رواه البيهقي عن ابن حميد الساعدي خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد حتى جاوز ثنية الوداع إذا كتيبة خشناء قال من هؤلاء؟ قال عبد اللّه بن أبي في ست مئة من مواليه بني قينقاع قال وقد أسلموا؟ قالوا لا قال فليرجعوا ثم ذكره. 2525 - (إنا لا نستعين) في القتال (بالمشركين على المشركين) أي عند عدم الحاجة إليه وهذا قاله لمشرك لحقه ليقاتل معه ففرح به المسلمون لجرأته ونجدته فقال له تؤمن؟ قال لا، فرده ثم ذكره، لأن محل المنع عند عدم دعاء الحاجة، وأما [ص 551] الجواب بأنه خرج باختياره لا بأمر المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ففيه أن التقرير قائم مقام الأمر والقول بأن النهي خاص بذلك الوقت أورده في شخص معين وجد له رغبة في الإسلام فردّه بذلك ليسلم أو أن الأمر فيه إلى الإمام اعترضه ابن حجر بأنه نكرة في سياق النفي فيحتاج مدّعي التخصيص إلى دليل. - (حم تخ عن خبيب) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وردّ الذهبي على من زعم كونه بحاء مهملة. - (ابن يساف) ابن عتبة بن عمرو الخزرجي المدني صحابي بدري له حديث. 2526- (إنا معشر الأنبياء) منصوب على الاختصاص أو المدح والمعشر كل جمع أمرهم واحد فالإنس معشر والجن معشر والأنبياء معشر وهو بمعنى قول جمع الطائفة الذين يشملهم وصف (تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) بل هي دائمة اليقظة لا يعتريها غفلة ولا يتطرّق إليها شائبة نوم لمنعه من إشراق الأنوار الإلهية الموجبة لفيض المطالب السنية عليها ولذا كانت رؤياهم وحياً ولم تنتقض طهارتهم بالنوم ولا يشكل بنومه في قصة الوادي حتى طلعت الشمس لأن اللّه خرق عادته في نومه ليكون ذلك رخصة لأمّته وزعم أن المراد تنام أعيننا عن الدنيا ولا تنام قلوبنا عن الملكوت الأعلى بعيد من السوق كما لا يخفى علي أهل الذوق. - (ابن سعد) في الطبقات (عن عطاء) بن أبي رباح (مرسلاً) وهو القرشي الفهري المكي كان أسود أفطس أعرج ثم عمي من أجل التابعين حج سبعين حجة وعاش مئة سنة. 2527- (إن معشر) وفي رواية معاشر (الأنبياء أمرنا) بالبناء للمفعول أي أمرنا اللّه (أن نعجل إفطارنا) إذا كنا صائمين بأن نوقعه بعد تحقق الغروب ولا نؤخره إلى اشتباك النجوم (ونؤخر سحورنا) بالضم أي نقربه من الفجر جداً ما لم يوقع التأخير في شك (ونضع أيماننا) أي أيدينا اليمنى (على شمائلنا) فويق السرة (في الصلاة) في رواية بدله في صلاتنا وذلك بأن يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض الساعد باسطاً أصابعها في عرض المفصل أو ناشراً لها صوب الساعد والأمر هنا للندب وهذا صريح في أن هذه الثلاثة ليست من خصوصياته. - (الطيالسي) أبو داود (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. 2528- (إن معشر الأنبياء يضاعف علينا البلاء) أي يزاد وليس محصوراً في الواحد يقال ضعف الشيء يضعف إذا زاد وضعفته إذا زدته وفي البلاء من الفضائل والفوائد ما لا يخفى قال ابن النحاس: وقوله معشر يشبه المنادى وليس بمنادى وهو منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره كما لم يجز ظهوره مع المنادى وموضع هذا الاسم نصب على الحال لأنه لما كان في التقدير أنا أخص أو أعني فكأنه قال إنا نفعل كذا مخصوصين من بين الناس أو معينين فالحال من فاعل نفعل لا من اسم إن لئلا يبقى الحال بلا عامل. - (طب عن) فاطمة بنت اليمان العبسية (أخت حذيفة) صحابية قال في التقريب كأصله صحابية لها حديث قضى به عثمان ويقال لها الفارعة قالت أتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعوده في نساء فإذا شنّ معلق نحوه يقطر ماؤه فيه من شدة ما يجده من حر الحمى فقلنا يا رسول اللّه لو دعوت اللّه فشفاك؟ فذكره وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى من الطبراني وهو عجيب مع وجوده لأحمد في المسند باللفظ المزبور عن فاطمة المذكورة بل رواه ابن ماجه من حديث أبي سعيد بزيادة فقال إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما [ص 552] يضاعف لنا الأجر كان النبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يبتلى بالإيذاء من قومه وكانوا يفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء انتهى وذكر في الفردوس أن حديث ابن ماجه هذا صحيح ولما عزاه الهيثمي إلى الطبراني وأحمد قال وإسناد أحمد فاقتضى أن سند الطبراني غير حسن. 2529 - (إنا آل محمد) مؤمني بني هاشم والمطلب. مال العكبري إلى أن آل منصوب بأعني أو أخص وليس بمرفوع على أنه خبر إن لأن ذلك معلوم لا يحتاج لذكره وخبر إن قوله (لا تحل لنا الصدقة) لأنها طهرة وغسول تعافها أهل الرتب العلية والاصطفاء وعرفها ليفيد أن المراد الزكاة أي لا تحل لنا الصدقة المعهودة وهي الفرض بخلاف النفل فتحل لهم دونه عند الشافعية والحنابلة وأكثر الحنفية وعمم مالك التحريم. قال الزمخشري: الصدقة محظورة على الأنبياء وقيل كانت تحل لغير نبينا صلى اللّه عليه وسلم بدليل {وتصدق علينا}. - (حم حب) من حديث أبي الحواري (عن الحسن ابن علي) أمير المؤمنين قال أبو الحواري كنا عند الحسن فسئل ما عقلت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو عنه قال كنت أمشي معه فمرّ على جرين من تمر الصدقة فأخذت التمرة فألقيتها في فيَّ فأخذها بلعابها، فقال بعض القوم وما عليك لو تركتها فذكره قال الهيثمي رجال أحمد ثقات وقال في الفتح إسناده قوي. 2530 - (إنا نهينا) نهي تحريم والناهي هو اللّه تعالى (أن ترى عوراتنا) ضمير الجمع يؤذن بأن المراد هو والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو هو وأمته وعدّ ابن عبد السلام من خواصه أنه لم ترى عورته قط قال ولو رآها أحد طمست عيناه وعدّ بعض الأكابر من خصائص هذه الأمة وجوب ستر العورة قال القضاعي: وكان نهيه عن التعري وكشف العورة من قبل أن يبعث بخمس سنين. - (ك) وكذا البيهقي (عن جبار) بجيم وموحدة تحتية وراء قال في الإصابة: ومن قال حبان فقد صحفه (بن صخر) قال الذهبي وصحف من قال بن ضمرة وهو الأنصاري السلمي قيل من أهل العقبة وقيل بدري وليس له إلا هذا الحديث وحديث آخر كما في الإصابة وغيرها وفيه معاذ بن خالد العسقلاني عن زهير بن محمد قال الذهبي في الذيل له مناكير وقد احتمل عن شرحبيل بن سعد قال ابن أبي ذؤيب كان متهماً كذا ذكره الذهبي في الضعفاء والذيل وكأنه ذهل في التلخيص حيث سكت على تصحيح الحاكم له. 2531 - (إنك) يا جرير بن عبد اللّه (امرؤ قد حسن اللّه خلقك) بفتح الخاء (فأحسن خلقك) بضمها أي مع الخلق يتصفية النفس عن ذميم الأوصاف وقبيح الخصال ثم برياضتها وتمرينها على ذلك وبصحبة أهل الأخلاق الحسنة وبالنظر في أخبار أهل الصدر الأول وحكاياتهم الدالة على كمال حسن خلقهم فالخلق وإن كان غريزياً أصالة لكنه بالنظر لما يستعمل فيه كسبي وإلا لاستحال الأمر به لاستحالته فيما طبع عليه العبد كما مرّ غير مرة. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن جرير) قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تأتيه الوفود فيبعث إليّ فألبس حلتي أجيء فيباهي بي ويقول: يا جرير إنك إلخ ورواه أيضاً الخرائطي والديلمي وأبو العباس الدعولي في الآداب قال الحافظ العراقي وفيه ضعف. 2532- (إنك) يا سلمة بن الأكوع (الذي قال الأوّل اللّهم ابغني) بهمزة وصل أمر من البغاء أي اطلب وبهمزة قطع أمر من الإبغاء أي أعني على الطلب (حبيباً هو أحبّ إليّ من نفسي) قاله له وكان أعطاه ترساً ثم رآه مجرّداً عنه فسأله فقال لقيني عمي فرأيته أعزل فأعطيته إياها وقوله الأوّل بدل من الذي أي كالأوّل أي كالذي مضى فيمن مضى قائلاً اللّهم إلخ. - (م عن سلمة بن الأكوع) ورواه عنه غيره أيضاً. [ص 553] 2533 - (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم) لأن الدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز ولا يعارضه خبر الطبراني إنهم يدعون بأسماء أمهاتهم ستراً منه على عبادة لإمكان الجمع بأن من صح نسبه يدعى بالأب وغيره يدعى بالأم كذا جمع البعض وأقول هو غير جيد إذ دعاء الأول بالأب والثاني بالأم يعرف به ولد الزنا من غيره فيفوت المقصود وهو الستر ويحصل الافتضاح فالأولى أن يقال خبر دعائهم بالأمهات ضعيف فلا يعارض به الصحيح ثم رأيت ابن القيم أجاب بنحوه فقال: أما الحديث فضعيف باتفاق أهل العلم بالحديث وأما من انقطع نسبه من جهة أبيه كالمنفي بلعان فيدعى به في الدنيا فالعبد يدعى بما يدعى به فيها من أب وأم إلى هنا كلامه (فأحسنوا أسمائكم) أي بأن تسموا بنحو عبد اللّه وعبد الرحمن أو بحارث وهمام لا بنحو حرب ومرة قال النووي في التهذيب: ويستحب تحسين الاسم لهذا الحديث. - (حم د) في الأدب من حديث عبد اللّه بن أبي زكريا (عن أبي الدرداء) قال النووي في الأذكار وفي التهذيب إسناده جيد وتبعه الزين العراقي قال في المغني: وقال في البهيقي إنه مرسل وقال المناوي كالمنذري ابن أبي زكريا ثقة عابد لكن لم يسمع من أبي الدرداء فالحديث منقطع وأبوه اسمه إياس وقال ابن حجر في الفتح رجاله ثقات إلا أن في سنده انقطاعاً بين عبد اللّه بن أبي زكريا راويه عن أبي الدرداء فإنه لم يدركه. 2534 - (إنكم تتمون سبعين أمة) أي يتم العدد بكم سبعين (أنتم خيرها وأكرمها على اللّه) ويظهر هذا الإكرام في أعمالهم وأخلاقهم وتوحيدهم ومنازلهم في الجنة ومقامهم في الموقف ووقوفهم على تلّ يشرفون عليهم إلى غير ذلك ومما فضلوا به الذكاء وقوّة الفهم ودقة النظر وحسن الاستنباط فإنهم أوتوا من ذلك ما لم ينله أحد ممن قبلهم، ألا ترى إلى أن بني إسرائيل عاينوا من الآيات الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق الكليم كانفجار البحر ونتق الجبل وغير ذلك ثم اتخذوا بعده العجل وقالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة} وما تواتر من معجزات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمور نظرية كالقرآن والتحدّي به والفضائل المجتمعة فيه الشاهدة بنبوّته دقيقة يدركها الأذكياء. - (حم ت ه ك عن معاوية بن حيدة) 2535 - (إنكم ستبتلون) أي يصيبكم البلاء (في أهل بيتي من بعدي) هذا من معجزاته الخارقة لأنه إخبار عن غيب وقد وقع وما حلّ بأهل البيت بعده من البلاء أمر شهير وفي الحقيقة البلاء والشقاء على من فعل بهم ما فعل. - (طب) من حديث عمارة بن يحيى بن خالد بن عرفطة (عن خالد بن عرفطة) بفتح المهملة أوّله ابن أبرهة الليثي ويقال البكري ويقال القضاعي ويقال العدوي استعمله معاوية على بعض حروبه قال معاوية كنا عند خالد يوم قتل الحسين فقال هذا ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إنكم إلخ قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير عمارة وقد وثقه ابن حبان. 2536 - (إنكم) أيها الأنصار كما دلّ عليه خبر عبد اللّه بن محمد بن عقيل أن معاوية قدم المدينة فتلقاه أبو قتادة فقال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قال إنكم إلخ قال فيم أمركم قال أمرنا بالصبر قال اصبروا إذن (ستلقون) وفي رواية للبخاري سترون (بعدي) أي بعد موتي من الأمراء (أثرة) بضم أو كسر فسكون وبفتحات إيثاراً [ص 554] واختصاصاً بحظوظ دنيوية يأثرون بها غيركم يفضلون عليكم من ليس له فضل ويؤثرون أهواءهم على الحق ويصرفون الفيء لغير المستحق قال الراغب: والاستئثار التفرد بالشيء من دون غيره وزاد في رواية البخاري وأموراً تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول اللّه قال (فإذا رأيتم ذلك فاصبروا) أي إذا وقع ذلك فاصبروا كما أمرت بالصبر على ما سامتني الكفرة فصبرت فاصبروا أنتم على ما يسومكم الأمراء الجورة (حتى تلقوني غداً) أي يوم القيامة (على الحوض) أي عنده فتنصفون ممن ظلمكم وتجازون على صبركم والخطاب وإن كان للأنصار لكن لا يلزم من مخاطبتهم به أن يختص بهم فقد ورد ما يدلّ على التعميم وهذا لا تعارض بينه وبين الأحاديث الآمرة بالنهي عن المنكر لأن ما هنا فيما إذا لزم منه سفك دم أو إثارة فتنة وفيه الأمر بالصبر على الشدائد وتحمل المكاره قال ابن بزيزة: وخص الحوض لكونه مجمع الأمم بعد الخلاص من أهوال الموقف حيث لا يذكر حبيب حبيبه. - (حم ق ت عن أسيد) بضم الهمزة وفتح المهملة (بن حضير) بضم المهملة وفتح المعجمة بن سماك بن عتيك الأنصاري الأشهلي أحد النقباء ليلة العقبة كان كبير الشأن وكان أبوه فارس الأوس ورئيسهم وقائدهم يوم بعاث (حم ق عن أنس) قال الهيثمي ورجال أحمد رجال الصحيح. 2537 - (إنكم سترون ربكم) يوم القيامة (كما ترون هذا القمر) رؤية محققة لا تشكون فيها ولا تجهدون في تحصيلها فمعنى التشبيه أن ذلك محقق بلا مشقة ولا خفاء فهو تشبيه للرؤية برؤية القمر ليلة تمامه في الوضوح لا للمرئي بالمرئي (لا تضامون) بضم الفوقية وتخفيف الميم أي لا ينالكم ضيم أي ظلم في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض وبالفتح والشدّ من الضم وأصله تتضامون فيضم بعضكم إلى بعض وتزدحمون حال النظر لخفائه أو لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا ينضم بعضكم لأجل ذلك كما يفعل في رؤية شيء خفي (في رؤيته) تعالى وهذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول (فإن استطعتم أن لا تغلبوا) بالبناء للمجهول أي عن أن لا تتركوا الاستعداد بقطع أسباب الغفلة المنافية للاستطاعة كنوم وشغل (على) بمعنى عن (صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها) يعني الفجر والعصر كما في رواية مسلم (فافعلوا) ثم قرأ {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال أبو عيسى حديث حسن صحيح عدى المغلوبية التي لازمها فعل الصلاة بقطع الأسباب النافية للاستطاعة كنوم ونحوه فكأنه قال صلوا في هذين الوقتين وذكرهما عقب الرؤية إشارة إلى أن رجاء الرؤية بالمحافظة عليهما وخصهما لشدة خوف فوتهما ومن حفظهما فبالحري أن يحفظ غيرهما أو لاجتماع الملائكة ورفع الأعمال فيها وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وأن العمل يرفع آخر النهار فمن كان في طاعة بورك له في رزقه وعمله وأفاد الخبر أن رؤيته تعالى ممكنة أي للمؤمنين في الآخرة وزيادة شرف المصلين والصلاتين. - (حم ق) في الصلاة وغيرها(4) في عدّة مواضع (عن جرير) بن عبد اللّه وفي الباب غيره أيضاً. 2538 - (إنكم ستحرصون) بكسر الراء وفتحها (على الإمارة) الخلافة العظمى ونيابتها (وإنها ستكون ندامة) لمن لم يعمل فيها بما أمر به ويسلك سبيل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي اللّه عنهم (وحسرة يوم القيامة) وهذا أصل في تجنب الولايات سيما لضعيف أو غير أهل فإنه يندم إذا جوزي بالخزي يوم القيامة [ص 555] أما أهل عادل فأجره عظيم لكنه على خطر عظيم ومن ثم أباها الأكابر (فنعمت) الإمارة (المرضعة) أي في الدنيا فإنها تدلّ على المنافع واللذات العاجلة (وبئست) الإمارة (الفاطمة) عند انفصاله عنها بموت أو غيره فإنها تقطع عنه تلك اللذائذ والمنافع وتبقى عليه الحسرة والتبعة فالمخصوص بالمدح والذم محذوف وهو الإمارة ضرب المرضعة مثلاً للإمارة الموصلة صاحبها من المنافع العاجلة والفاطمة وهي التي انقطع لبنها مثلاً لمفارقتها عنها بانعزال أو موت والقصد ذم الحرص عليها وكراهة طلبها وقال القاضي شبه الولاية بالمرضعة وانقطاعها بموت أو عزل بالفاطمة أي نعمت المرضعة الولاية فإنها تدر عليك المنافع واللذات العاجلة وبئست الفاطمة المنية فإنها تقطع عنك تلك اللذائذ والمنافع وتبقى عليك الحسرة والتبعة فلا ينبغي لعاقل أن يلم بلذة تتبعها حسرات وألحقت التاء في بئست دون نعم والحكم فيهما إذا كان فاعلهما مؤنثاً جواز الإلحاق وتركه فوقع التفنن في هذا الحديث بحسب ذلك وقال في شرح المصابيح شبه على سبيل الاستعارة ما يحصل من نفع الولاية حالة ملابستها بالرضاع وشبه بالفطام انقطاع ذلك عنها عند الانفصال عنها فالاستعارة في المرضعة والفاطمة تبعية فإن قلت هل من فائدة لطيفة في ترك الباء من فعل المدح وإثباتها مع الذم أجيب بأن ارضاعها أحب حالتيها للنفس وفطامها أشقها والتأنيث أخفض حالتي الفعل فاستعمل حالة التذكير مع الحالة المحبوبة التي هي أشرف حالتي الولاية واستعمل حالة التأنيث مع الحالة الشاقة على النفس وهي حالة الفطام عن الولاية لمكان المناسبة في المحلين انتهى وفي شرح المشكاة إنما لم يلحق التاء بنعم لأن المراضعة مستعارة للإمارة وهي وإن كانت مؤنثة لكن تأنيثها غير حقيقي وألحقها بئس نظراً إلى كون الإمارة حينئذ ذاهبة وفيه أن ما يناله الأمير من البأساء والضراء أشد مما يناله من النعماء فعلى العاقل أن لا يلم بلذة يتبعها حسرات. قال في المطامح: وكذا سائر الولايات الدينية وللفقهاء تفصيل في حكم الطلب مبين في الفروع. - (خ) في الأحكام (ن) في القضاء والسير (عن أبي هريرة) قلت يا رسول اللّه ألا تستعملني؟ فذكره. 2539 - (إنكم قادمون) بالقاف وسهى من زعم أنه بمثناة فوقية فاضطر إلى ارتكاب التعسف في تقريره بما يمجه السمع (على إخوانكم) في الدين (فأصلحوا رحالكم) أي ركابكم (وأصلحوا لباسكم) أي ملبوسكم بتحسينه وتنظيفه وتطييبه (حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس) أي كونوا في أحسن زي وهيئة حتى تظهروا للناس وينظروا إليكم كما تظهر الشامة وينظر إليها دون باقي الجسد والشامة الخال في الجسد معروفة ذكره ابن الأثير والإصلاح كما قال الحرالي: تلاقى خلل الشيء (فإن اللّه لا يحب الفحش ولا التفحش) فيه كما في المطامح ندب تحسين الهيئة وترجيل الشعر وإصلاح اللباس والمحافظة على النظافة والتجمل وإصلاح الحال وأن ذلك من صفات الكمال ولا ينافي الزهد بكل حال (نكتة) رأى رجل على آخر عمامة رثة فقال دب فيها البلاء فرقت ودقت فهي تقرأ إذ السماء انشقت. - (حم د ك) في اللباس (هب عن سهل) ضد الصعب (بن الحظلية) صحابي صغير أوس والحنظلية أمه أو من أمهاته واختلف في اسم أبيه قيل الربيع بن عمرو وقيل غيره قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال النووي في الرياض بعد عزوه لأبي داود إسناده حسن إلا أن قيس بن بشر اختلفوا في توثيقه وتضعيفه وقد روى له مسلم. 2540 - (إنكم مصبحون) بميم مضمومة أوله بضبط المصنف (عدوكم) أي توافونه صباحاً يقال صبحت فلاناً بالتشديد أتيته صباحاً وفي رواية قد دنيتم من عدوكم (والفطر أقوى لكم) على قتال العدو (فأفطروا) قاله حين دنا من مكة للفتح فأفطروا قال أبو سعيد فكانت عزيمة ثم نزلنا منزلاً آخر فقاله فمنا من أفطر ومنا من صام فكانت رخصة وأخذ من [ص 556] تعليله بدنو العدو واحتياجهم إلى القوة التي يلقونه بها أن الفطر هنا للجهاد لا للسفر فلو وافاهم العدو في الحضر واحتاجوا إلى التقوّي بالفطر جاز على ما قيل لأنه أولى من الفطر بمجرد السفر والقوة ثم تخص المسافر وهنا له وللمسلمين ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر. - (حم م عن أبي سعيد) الخدري. 2541 - (إنكم لن تدركوا) أي تحصلوا (هذا الأمر بالمغالبة) المراد أمر الدين فإن الدين متين لا يغالبه أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق كما في الحديث السابق. - (ابن سعد) في الطبقات (حم هب عن ابن الأردع) بالدال المهملة واسمه سلم أو محجن وهو الذي قال المصطفى صلى اللّه غليه وسلم فيه ارموا وأنا مع ابن الأردع وهو ممن عرف بأبيه ويذكر باسمه قال كنت أحرس النبي صلى اللّه عليه وسلم فخرج ذات ليلة لحاجته فرآني فأخذ بيدي فمررنا على رجل يصلي فجهر بالقرآن فذكره قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح. 2542 - (إنكم) أيها الصحب (في زمان) متصف بالأمن وعزة الإسلام (من ترك منكم) فيه (عشر ما أمر به) من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ لا يجوز صرف هذا القول إلى عموم المأمورات لما عرف أن مسلماً لا يعذر فيما يهمل من فرض عيني (هلك) أي في ورطات الهلاك لأن الدين عزيز وفي أنصاره كثرة فالترك تقصير منكم فلا عذر لأحد في التهاون حالتئذ (ثم يأتي زمان) يضعف فيه الإسلام وتكثر الظلمة ويعم الفسق ويكثر الدجالون وتقل أنصار الدين فيعذر المسلمون في الترك إذ ذاك لعدم القدرة وفقد التقصير وحينئذ (من عمل منهم) أي من أهل ذلك الزمن المحتوي على المحن والفتن (بعشر ما أمر به نجا) لأنه المقدور ولا يكلف اللّه نفساً إلا وسعها {فاتقوا اللّه ما استطعتم} قال الغزالي: لولا بشارة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأنه سيأتي زمان من تمسك فيه بعشر ذلك نجا لكان جديراً بنا أن نقتحم والعياذ باللّه ورطة اليأس والقنوط مع ما نحن عليه من سوء أعمالنا فنسأل اللّه أن يعاملنا بما هو أهله وأن يستر قبائح أعمالنا كما يقتضيه فضله وكرمه وقال بعض الحكماء معروف زمننا منكر زمان مضى ومنكر زمننا معروف زمان لم يأت. - (ت) في آخر الفتن (عن أبي هريرة) وقال غريب وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال قال النسائي حديث منكر رواه أبو نعيم بن حماد وليس بثقة. 2543 - (إنكم لا ترجعون إلى اللّه تعالى) أي لا تعاودون مأدبة كرمه المرة بعد الأخرى قال الزمخشري: من المجاز خالفني ثم رجع إلى قوله وما رجع إليه في خطب إلا كفي (بشيء أفضل مما خرج منه، يعني القرآن) كذا هو في خط المصنف قال البخاري: خروجه منه ليس كخروجه منك إن كنت تفهم وقال ابن فورك الخروج خروج جسم من جسم بمفارقة محله واستبداله محلاً آخر وذا محال هنا وظهور شيء من شيء يقال خرج لنا من كلامك نفع وهو المراد هنا أي ما أنزل اللّه على نبيه وقيل ضمير منه يعود للعبد وخروجه منه وجوده بلسانه محفوظاً بصدره مكتوباً بيده. - (حم في الزهد) أي في كتاب الزهد (ت عن جبير بن نفير مرسلاً ك) في فضائل القرآن وصححه (عنه) أي عن جبير (عن أبي ذر) سكت عليه المصنف فلم يشر إليه بعلامة الضعيف فاقتضى جودته وكأنه لم يقف على قول سلطان هذا الشأن البخاري في كتاب خلق الأفعال إنه لا يصح لإرساله وانقطاعه، هكذا قال وأقره الذهبي. [ص 557] 2544 - (إنكم اليوم) أي الآن وأنا بين أظهركم (على دين) التنكير للتعظيم أي دين متين كامل في القوة والصلابة (وإني مكاثر بكم الأمم) يوم القيامة كما في رواية أخرى (فلا تمشوا) أي ترجعوا (بعدي) أي بعد موتي (القهقرى) أي إلى وراء وهذا تحذير من سلوك غير سبيله ومعلوم أن صحبه الذين خاطبهم حينئذ بذلك لم يرجعوا بعده كفاراً ولا زنادقة بل ولا فساقاً وإنما وقع منهم الحروب والفتن باجتهاد وأصاب فيه بعض وأخطأ بعض بلية قضى اللّه بها لما سبق في غيبه. - (حم عن جابر) بن عبد اللّه قال الهيثمي فيه مجالد بن سعيد وفيه خلاف. 2545 - (إنكم لا تسعون) بفتح السين أي لا تطيقون أن تعموا وفي رواية إنكم لن تسعوا (الناس بأموالكم) أي لا يمكنكم ذلك (ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) أي لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم والوسع والسعة الجدة والطاقة وفي رواية إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم انتهى وذلك لأن استيعاب عامّتهم بالإحسان بالفعل غير ممكن فأمر بجعل ذلك بالقول حسبما نطق به {وقولوا للناس حسناً} وأخرج العسكري في الأمثال عن الصولي قال لو وزنت كلمات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأحسن كلام الناس لرجحت على ذلك وهي قوله إنكم إلخ قال وقد كان ابن عياد كريم الوعد كثير البذل سريعاً إلى فعل الخير فطمس ذلك سوء خلقه فما ترى له حامداً وكان العارف إبراهيم بن أدهم يقول: إن الرجل ليدرك بحسن خلقه ما لا يدركه بماله لأنّ المال عليه فيه زكاة وصلة أرحام وأشياء أخر وخلقه ليس عليه فيه شيء قال الحرالي: والسعة المزيد على الكفاية من نحوها إلى أن ينبسط إلى ما وراء امتداداً ورحمة وعلماً ولا تقع السعة إلا مع إحاطة العلم والقدرة وكمال الحلم والإفاضة في وجوه الكفايات ظاهراً وباطناً عموماً وخصوصاً وذلك ليس إلا للّه أما المخلوق فلم يكد يصل إلى حظ من السعة أما ظاهراً فلا تقع منه ولا يكاد وأما باطناً بخصوص حسن الخلق فعساه يكاد. - (البزار) في المسند (حل ك هب) وكذا الطبراني ومن طريقه وعنه أورده البيهقي فكان إيثاره بالعزو أولى (عن أبي هريرة) قال البيهقي تفرّد به عبد اللّه بن سعيد المقبري عن أبيه وروي من وجه آخر ضعيف عن عائشة اهـ. وفي الميزان عبد اللّه بن سعيد هذا واه بمرة وقال الفلاس منكر الحديث متروك وقال يحيى استبان لي كذبه وقال الدارقطني: متروك ذاهب وساق له أخباراً هذا منها ثم قال وقال فيه البخاري تركوه ورواه أبو يعلى قال العلائي وهو حسن. 2546 - (إنكم) أيها المؤمنون (لن تروا ربكم) بأعينكم يقظة (عزّ وجل حتى تموتوا) فإذا متم رأيتموه في الآخرة رؤية منزّهة عن الكيفية أما في الدنيا يقظة فلغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة ولبعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممكنة في بعض الأحوال كما في تفسير القاضي وقال القشيري: إن قيل هل يجوز للأولياء رؤية اللّه بالبصر في الدنيا على جهة الكرامة قلنا الأقوى لا يجوز للإجماع عليه قال وسمعت ابن فورك يحكي عن الأشعري فيه قولين قال النووي: قلت نقل جمع الإجماع على أنها لا تتحصل للأولياء في الدنيا قال وامتناعها بالسمع وإلا فهي ممكنة بالعقل عند أهل الحق. - (طب في السنة عن أبي أمامة) الباهلي. 2547 - (إنما الأسود) من العبيد والإماء (لبطنه ولفرجه)(1) يعني أن اهتمامه ليس إلا بهما فإن جاع سرق وإن شبع [ص 558] زنى كما في الخبر الآتي ومما قيل في ذم العبد للمتنبي: فلا ترج الخير من امرئ * مرّت يد النخاس في رأسه . <فائدة> في البرهان أن السبب الظاهر لاختلاف ألوان الناس وأخلاقهم وطبائعهم ارتباطها باختلاف أحوال الشمس وذلك على ثلاثة أقسام أحدها من يسكن من خط الاستواء إلى محاذاة رأس السرطان وهؤلاء الذين يسمون بالاسم العام السودان وسببه أن الشمس تمر بسمت رؤوسهم في السنة مرة أو مرتين فتحرقهم وتسود أبدانهم وتجعد شعورهم وتجعل وجوههم قحلة وأخلاقهم وحشة وهم الزنج والحبشة وأما الذين مساكنهم أقرب إلى جانب الشمال فالسواد فيهم أقل وطبائعهم أعدل وأخلاقهم أحسن كأهل الهند واليمن وبعض المغاربة، القسم الثاني الذي مساكنهم على سمت رأس السرطان إلى محاذاة بنات نعش الكبرى ويسمون بالاسم العام البيض لأن الشمس لا تسامت رؤوسهم ولا تبعد عنهم جداً فلذلك لم يعرض لهم شدة حر ولا شدة برد فصارت ألوانهم متوسطة وأخلاقهم فاضلة كأهل الصين والترك وخراسان والعراق وفارس ومصر والشام ومن كان من هؤلاء أميل إلى الجنوب فهو أتم ذكاء وفهماً لقربه من منطقة ذلك البروج وممر الكواكب المتحيرة ومن مال إلى المشرق أقوى نفساً وأشد ذكورة لأن المشرق يمين الفلك ومنه الكواكب تطلق والأنوار تطلق فاليمين أقوى أرباع الفلك وجوانبه ونواحيه ومن كان أقرب إلى المغرب فهو ألين نفساً وأكثر أنوثة وكتماناً للأمور، والقسم الثالث من مساكنهم محاذاة بنات نعش وهم الصقالية والروس ولكثرة بعدهم عن ممر البروج ومسامتة الشمس غلب البرد عليهم وكثرت فيهم الرطوبة لفقد ما ينضجها ثم من الحرارة فلذلك ابيضت ألوانهم وصارت أبدانهم رخصة وطباعهم مائلة إلى البرد وأخلاقهم وحشية شرسة قال الحرالي: والبطن فضاء جوف الشيء الأجوف لغيبته عن ظاهره الذي هو ذلك البطن. - (عق) عن أحمد بن محمد النصيبي عن عمرو بن عثمان عن محمد بن خالد الوهبي عن خالد بن محمد بن خالد بن الزبير عن أم أيمن قال خالد خرجنا نتلقى الوليد بن عبد الملك مع علي بن الحسين فعرض حبشي لركابنا فقال علي حدثتني أم أيمن فذكره ثم قال مخرجه العقيلي لا يتابع خالد عليه وقال أبو حاتم هو مجهول انتهى وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه في اللسان بأن ابن حبان ذكره في الثقات (طب) عن إبراهيم بن محمد الحمصي عن عمرو بن عثمان عن محمد بن خالد الوهبي عن محمد بن آل الزبير عن أبيه عن علي بن الحسين عن أم أيمن قال الهيثمي فيه خالد بن محمد من آل الزبير وهو ضعيف انتهى وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال فيه خالد بن محمد من آل الزبير منكر الحديث ونازعه المصنف وقال ضعيف لا موضوع. ----------- (1) [هذا في حكم غير المتقين إذا غلبه الطبع، وإلا فيقول تعالى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى (9211)" ويقول: "انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى (2740)". دار الحديث] ----------- 2548 - (إنما الأعمال كالوعاء) بكسر الواو واحد الأوعية وأوعى الزاد والمتاع جعله في الوعاء كذا في الصحاح وغيره والمراد هنا أن العمل شبيه بالإناء المملوء (إذا طاب أسفله) أي حسن وعذب أسفل ما فيه من نحو مائع (طاب أعلاه) الذي هو مرئي (وإذا فسد أسفله فسد أعلاه) والقصد بالتشبيه أن الظاهر عنوان الباطن ومن طابت سريرته طابت علانيته فإذا اقترن العمل بالإخلاص القلبي الذي هو شرط القبول أشرق ضياء الأنوار على الجوارح الظاهرة وإذا اقترن برياء أو نحوه اكتسب ظلمة يدركها أهل البصائر وأرباب السرائر، إن للّه عباداً يعرفون الناس بالتوسم فاتقوا فراسة المؤمن. قال الغزالي: للأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها كالإخلاص والرياء والعجب وغيرها فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادات الظاهرة فقلما سلم له عمل الظاهر فتفوته طاعات الظاهر والباطن فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكذب ذلك هو الخسران المبين. - (ه) في الزهد (عن معاوية) بن أبي سفيان وفيه الوليد بن مسلم وسبق أنه ثقة مدلس وعبد الرحمن بن يزيد أورده الذهبي في الضعفاء قال ضعفه أحمد وقال البخاري منكر الحديث. [ص 559] 2549 - (إنما الإمام) الأعظم (جنة) بضم الميم أي وقاية وساتر وترس تحمى به بيضة الإسلام (يقاتل به) بزنة المجهول أي يدفع بسببه الظلامات ويلتجئ إليه الناس في الضرورات ويكون إمام الجيش في الحرب ليشد قلوبهم ويتعلمون منه الشجاعة والإقدام وقصر المراد على الأخير تقصير وزعم أن المعنى هو العاقد للّهدنة يربو عليه في القصور وليس في حيز الظهور والحمل على الأعم أتم. - (د عن أبي هريرة) ظاهره أن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما وإلا لما عدل لأبي داود وهو ذهول فقد رواه مسلم عن أبي هريرة بزيادة ولفظه إن الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى اللّه وعدل فإن له بذلك أجراً وإن قال بغيره فإن عليه منه وزراً انتهى وقد سمعت غير مرة أن الواجب في الصناعة الحديثية أنه إذا كان الحديث في أحد الصحيحين لا يعزى لغيره البتة. 2550 - (إنما الأمل) أي ترجي الحصول قال ابن حجر الأمل رجاء ما تحبه النفس من نحو طول عمر وصحة وزيادة غنى (ورحمة من اللّه تعالى لأمتي) أمة الإجابة ويحتمل العموم بل هو أقرب (لولا الأمل ما أرضعت أم ولداً) أي ولدها (ولا غرس غارس شجراً) فتخرب الدنيا فالحكمة تقتضي شمول الأمل لعمارة الدنيا فلولاه لاشتغل الناس بأنفسهم ولذهلت كل مرضعة عما أرضعت ولرأيت الناس حيارى وما هم بحيارى ولوقفت الألسن والأقلام عن كثير مما انتشر من العلوم ولا تهنئ أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع بعمل دنيوي بل ولا كثير من الأعمال الأخروية كتأليف العلوم وللّه سبحانه وتعالى فيما هو شر في الظاهر أسرار وحكم كما أن له في الخير أسراراً وحكماً ولا منتهى لحكمته كما لا غاية لقدرته. - (خط عن انس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وهو باطل بل عقبه بقوله هذا الحديث باطل بهذا الإسناد ولا أعلم من جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي وكان غير ثقة اهـ. 2551 - (إنما البيع) أي الجائز الصحيح شرعاً الذي يترتب عليه أثره من انتقال الملك هو ما صدر (عن تراض) من المتعاقدين بخلاف ما لو صدر بنحو إكراه فلا أثر له بل المبيع باق على ملك البائع وإن صدرت صورة البيع وأفاد بإناطة الانعقاد بالرضى اشتراط الصيغة لوجود صورته الشرعية في الوجود لأن الرضى خفي لا يطلع عليه فاعتبر ما يدلّ عليه وهو الصيغة.
|